رواية نيران العشق والهوى الفصل الثالث عشر 13 بقلم هدير ممدوح
انقضى كتب الكتاب والحناء على خير وسط فرحة عارمة وسعادة من الجميع ولكنها لاتعلم ما سبب تلك الغصة بقلبها..
كانت سهر بغرفتها جالسة أمام مرآه الزينة فاليوم يوم فرح؛ إذن لماذا تلك السعادة ناقصة ما سبب ذلك القلق الذي يتسلل لـ قلبها ياترى!؟.
انفرج الباب وطلت منه إعتماد وولجت للداخل وقفت خلفها واضعة كفيها على كتفها وقالت بتعجب:
_مالك يابتي ندى وجوزك تحت مستني عشان ياخدك للكوافيرة..
هتفت سهر في ضيق:
_مش عارفة يما مالي، حاسة اني مخنوجة، وجلجانة "قلقانة"
هتفت إعتماد في عجل:
_تلاجي الحريم اللي تندب في عينها رصاصة حسدتك يابتي، هروح أجيب بخور..
امسكت سهر معصمها قبل ان تذهب، وقالت:
_كفاية تأخير أنا هنزل معاكِ يلا بينا.
ردت إعتماد في حيرة:
_ماشي يابتي، بس ابجي اقري سورة الفلق وانتي فالعربية خلي الضيقة تفك.
هزت سهر رأسها وغمغمت بخفوت:
_حاضر يما، حاضر.
••••••••••••••••••
بالأسفل..
احتضنت ندى والدتها وهي تشهق باكية..
فصاحت بخيتة بسخرية:
_إيه ياندى اتبكي ليه ما انتِ شهر و راچعة.
انفصلت فتحية عنها وردت في حنق:
_مالكيش صالح يابخيتة مش كفاية أنها هتبعد شهر بحاله عني.
ضم أيوب ندى بيده وقربها إليه، فتخضب وجهها خجلاً، رمقتة فتحية بأعين متسعة، فقال أيوب بمرواغة:
_إيه ياحماتي بصالي ليه كده، بتك بقيت مراتي خلاص، وبعدين متقلقيش مش هخليها تعيط، ده شهر عسل، مش هجرة.
اقتربت منهم إعتماد وسهر خلفها.. فقالت:
_ربنا يهنيكم ويسعدكم ياولدي.
رمقها أيوب بمحبة قائلاً:
_ادعيلنا والنبي يا أُمي لحسن محتاجين دعواتك.
هتف مصطفى الذى تقدم منهم قائلاً:
_نيالك ياعم أيوب، الليلة ليلتك وامك دعيالك.
قالت إعتماد وهي تنظر لـ بخيتة بمكر:
_هدعيلك ياولدي وادعي لـ مصطفى ربنا يجعل ورد من نصيبك.
هتف مصطفى بسعادة:
_ينصر دينك يا مرات عمي، خليكي كِده على طول.
قاطعهم يسري بضيق:
_مش يلا يا أيوب ولا إيه.
قال أيوب بعدما ضم كف ندي بيده قائلاً:
_يلا بينا.
خرجوا خلف بعضهم ليصعد أيوب من الأمام وبجانبة ندى.. وسهر ويسري من الخلف، قال يسري بهمس وهو يميل على أذن سهر:
_سبت أختي إيمان عـ تبكي فالبيت كان نفسها تيجي، بس عشانك انتي وامك زعقت فيها وجعدتها مطرحها، ودي أول مرة تحصل اني ازعل أختي.
قالت سهر بخفوت:
_هي اللي عملت فروحها ِكده لو مكنتش هتخرب عليا فرحتي كانت راحت معانا.
قبض يسري على كفها بعنف قائلاً:
_لينا حساب تاني لما نبجا في بيتنا.
شعرت سهر بألم من أثر قبضته فقالت ودموعها على وشك ان تسيل:
_بعد يدك عني، بدال ما اجول لـ اخوي.
صاح أيوب بتعجب بعدما لاحظ نظراتهم الحادة:
_في حاچة معاكم ولا إيه.
ترك يسري يد سهر قائلاً:
_ولا حاچة ركز أنت فالطريق.
فرت دمعة من أعين سهر، لتزيحها بصمت وهي تمسد على يدها كي يخف الألم.
•••••••••••••••••••
في إحدى قاعات الزفاف الكبرى في البلدة؛ تجمهر النَّاسُ لحضور الزفاف.. أصوات الموسيقى العالية تصُم الأذان.. ومع ولوج العرسان إزداد الحماس والتصفيق فدلف كل منهم وجلسَ بالمكان المخصص لهم.. جائت الفرقة الرقاصة لتقدم العرض الاستعراضي مع مشاركة العروسين.
وقعت انظار اعتماد على هشام الذي كان يتحدث مع ورد..
فحاولت التقدم إليهم من وسط الزحام..
توقف هشام أمام ورد قائلاً:
_ست ورد فكراني؟.. أنا هشام.
ابتسمت ورد برقة قائلة:
_ايوة فكراك، اتفضل.
هتف هشام بصوت عال:
_فكراني، بس شكلك نسيتي تجولي لـ أيوب بيه اني طالب اشوفه.
قالت ورد بتريث:
لا فاكرة، انا جولت للست إعتماد وهي جالت أنها هتجوله.
زم هشام شفتيه و غمغم في حدة:
_اعتماد..
عقدت ورد حاجبيها بغير فهم لانها لم تستمع لما قال، وصاحت:
_مسمعتش، جلت ايه.
رد هشام قائلاً:
_ياست ورد، أظهر إن الست اعتماد نسيت ياريت لو تجوليله أنتِ.
رمقته ورد في ريب من إصراره، ولكنها لم تبالي كثيراً وتمتمت:
_حاضر هبلغه، بس هو بعد الفرح ما يخلص هياخد عروسته ويسافر.
زفر هشام في حنق ونظر على يمينه ليجد اعتماد تقترب منهم فقال على عجل:
_أول فرصة تجيلك أبجي خبريه عن اذنك.
لم تلحق ورد الرد عليه لأنه اختفى من أمامها..
وفزعت حينما قبضت اعتماد على يدها فقالت بضيق:
_في إيه ياست اعتماد أنا اتخضيت.
هتفت اعتماد في حدة:
_الواد اللي كان عـ يحكي معاكِ ده، كان عايز أيه؟.
اجابت ورد بضيق واختصار:
_ده هشام وكان عاوز يجابل أيوب، طلب اجوله، وانا جولتله هيسافر، بس.
تركت إعتماد يدها، ولم تعقب.. وتوجهت إلى المرحاض الملحق بالقاعة، تحت دهشة ورد التي تمتمت بخفوت:
_الست دي أمرها غريب..
دلفت اعتماد إلى المرحاض و أغلقت بابه الخارجي ظناً منها بأن لا يوجد أحد بداخله وقفت أمام صنبور المياة، تنظر إلى المرآه أعلاه، وقالت بقوة كمن أصابه الجنون :
_مش هسمح لده يحصل.. محدش هيعرف حاچة.. السر مش هينكشف.. أيوب ولدي أنا
محدش يجدر ياخده مني.
تنهدت في قوة، ووضعت يدها فوق صدرها واستطردت كمن تحاكي شخصاً:
_متخافش ياجلبي كل اللي بنيته ليا سنين مش هينهد بالسهولة دي.
صمتت قليلاً، وتبدلت ملامحها من الغاضبة إلى الهادئة وابتسمت بتريث قائلة:
_الليلة فرح ولدك أيوب وهدان وبتك كمان، افرحي يا اعتماد، واللي خلق الكون اللي هيجف في طريجي هجتله واشرب من دمه.
ألقت جملتها تلك مع نفسها وغادرت المرحاض.. لتخرج بخيتة من إحدى أبوابه الصغيرة المتراصة، وقالت بتعجب:
_ إيه اللي جالته المجنونة دي، تجصد ايه؟..
وسر إيه اللي جالت عنه؟.. أنا لازماً أراجب كل تحركاتها إلا ما يجع تحت ايدي حاچة أذلها بيها طول العمر.
••••••••••••••••
توجهت إعتماد لأبنائها ضمت سهر اولاً وقالت:
_ألف مبروك يابتي.
ربتت سهر على ظهرها وغمغمت: _الله يبارك فيكِ يما.
ابتعدت عنها لـ تصافح يسري وتبارك له و رد هو عليها باقتضاب لم تبالي له وتوجهت لـ أيوب وفعلت نفس الشيء.
انطفئ الضوء.. ألا من ضوء خافت وصدر صوت موسيقى هادئة وتوجه كل من العروسين إلى ساحة الرقص.
ضم أيوب ندى قائلاً وهم يتمايلون على أنغام الموسيقى :
_خايف لـ كون في حلم وافوق منه على واقع ما تكونيش فيه.
همست ندى في أذنه:
_اللي يعيش حياته في خوف عمره ما هيحقق حلمه.
ابتسم أيوب، واردف:
_عندك حق، بس من كتر اللي بنشوفه بقيت خايف من بكرة.
قالت ندى بحكمة:
_بكرة ده مش بتاعنا، محدش ضامن هنعيش لـ بكرة ولا ايي.
ابتسم ايوب ضاحكاً وحملها ودار بها تحت التصفيق والتصفير من الحاضرين.
•••••••••••••••••••••
عند سهر ويسري اقتربت إعتماد تهندم من فستان سهر الذي ألتف على قدمها... في تلك اللحظة اقتربت ايمان وهي تقول:
_يسري سيب عروستك وارجص معايا شوي.
كاد يسري ان يمتثل لأمرها، فاعتدلت إعتماد ترمقها بحدة وهي تقول:
_اخوكِ ده فالبيت ياحبيبتي، إنما دلوج هو جوز بتي، سبيهم وتعالي معاي.. قبضت اعتماد على كفها وسحبتها معها.
فقال يسري بضيق:
_عجبك اللي عملته أمك ده.
صاحت سهر بقوة:
_ما اختك هي السبب..
قاطعها يسري قائلاً في حدة:
_اجفلي خشمك وإياكِ تعلي صوتك مرة تانية فاهمة، ويلا تعالي نجعد مش هنرجص.
تركها يسري وذهب لمكانه.. وامسكت هي بفستانها ولحقته؛ لتجلس بجانبه.. كانت تحاول الثبات بعدما امتلئت أعُينها بالدمع.
هدئت الأوضاع ورحل الجميع ظل الأهل وبعض الاقارب فقط.. مال أيوب على أُذن ندى قائلاً بمرح:
_حان الآن موعد انطلاق رحلتنا الجديدة.
ابتسمت ندى بخجل ولم تعقب.. فاقتربت فتحية تضمها بحنان قائلة:
_خدي بالك من نفسك يابتي، ربنا يجعل كل أيامك فرح وسعادة.
ربتت ندى على ظهرها بحنو قائلة:
_حاضر يما، وأنتِ خدي بالك من نفسك.
ابتعدت عنها فتحية ورمقت أيوب بنظرات حادة قائلة:
_خد بالك من بتي يا ولد إعتماد.
ابتسم ايوب ضاحكاً وقال:
_حاضر يا حماتي، بتك في عنيا.
وفعلت اعتماد نفس الشيء مع ابنتها، وقالت ليسري:
_دي حبة الفؤاد ونن عين أمها خلي بالك منها.
هتفت رشيدة بعجل والتي كانت واقفة بجانب نجلها:
_بتك في عنينا ياحبيبتي..روحي وانتِ مرتاحة البال.
و انطلق كلاً من العروسين بعد وداع حار من العائلة.
••••••••••••••••••
وصلت سهر أمام الشارع الذي يقطن به منزل زوجها وتوقفت السيارة فجأة.. تحت دهشتها، فنظرت لـ يسري قائلة:
_يسري هي العربية وجفت ليه هنا.
كاد يسري ان يتحدث حتى طلت رشيدة من نافذة السيارة قائلة:
_انزلوا ياولاد، هتدخلوا الشارع مشي خلوا الجيران يشوفوا عروستنا، يلا، يلا..
هبطت سهر على مضض وكذلك فعل يسري، تشابكت أيديهم ودلفوا للداخل، تحت زغاريد وتهنئات الجيران.. تحدثت أمراة كانت تنظر من النافذة:
_ألف مبروك يا ام يسري.
ردت رشيدة وهي تنظر لأعلى:
_الله يبارك فيكي يا ام عمرو، عقبال عمرو والبنات.
مضت بعض الدقائق حتى وقفوا أمام المنزل، وماكادت ان تخطو سهر أولى خطواتها بالمنزل حتى صاحت رشيدة في عنف:
_وجفي عندك.
فزعت سهر من نبرتها وارتدت للوراء، فتقدمت منهم رشيدة ووقفت أمامها كـ الجبال الراسيات، وقالت:
_هاتي يابت يا إيمان الغربال واللبن، نسيتي عوايدنا ولا إيه.. وانتِ ياسهر مالك خفتي ليه كده جربي يابتي..
خطت سهر خطوة للأمام ويسري بحانبها ودلفت إيمان للداخل.. وعادت بعد قليل وبيدها كوب من الحليب و المُنْخُل.
ناولتها المُنْخُل قائلة:
_خدي يما الغربال أهو.
اخذته رشيدة ورفعت يدها تهزه فوق رؤوسهم، فتلك العادة من عاداتهم المتوارثة.. واخذت كأس الحليب اعطته لـ يسري واستطردت:
_سمي الله واشرب يا ولدي و عروستك تشرب بعدك .
امتثل يسري لـ قولها وارتشف منه القليل، وناوله لـ سهر، وفعلت نفس الشيئ، تحت سماع الزغاريد من جوف رشيدة والتي قالت بعدها:
_ادخلوا ياولاد اطلعوا على شجتكم يلا..
••••••••••••••••••••
في الصباح.. توسطت الشمس عِنان السماء، وخيوط دفئها تحي أمالاً جديدة بقلوبنا .
"في سرايا وهدان"
دلفت إعتماد إلى المطبخ وهي تقول:
_سيدة، عاوزة الوكل ده يكون جاهز قبل الضهر دي زيارة عروسة مش عاوزة تأخير.
هتفت سيدة :
_حاضر ياست اعتماد على الضهر الوكل ده كله هيبجا جاهز.
غمغمت إعتماد بخفوت:
_ماشي أما نشوف.. وانسحبت بهدوء لخارج السرايا.. وكالعادة وجدت عتمان جالس وخلف إحدى كتفيه سلاحه ويحمل بيده كوب الشاي يترشف منه بتمهل..
_عتمان..
انتفض عتمان ناظراً إلى مصدر الصوت وقال برجفة ذعرة:
_أوامر جانبك ياست إعتماد.
قالت بنبرة لا تحمل إلا الشر:
_الواد هشام حفيد الداية زبيدة محتاجله قرصة ودن خفيفة عشان يتعلم الأدب..
هز عتمان رأسه بمكر قائلاً:
_وماله ياست إعتماد، نربيه.
هتفت إعتماد بحنق:
_خوفه بس مش ناجصة مشاكل، ولو متعلمش درسه وجتها لينا كلام تاني.
•••••••••••••••
في منزل يسري
استيقظوا على صوت طرقات عالية على باب شقتهم، قالت سهر بفزع:
_يسري هو في إيه الباب من كتر الخبط عليه هيتكسر، مين ده.
ازاح يسري الغطاء من عليه ، وقال بنعاس:
_هروح أهو اشوف مين.
هزت سهر رأسها وهي تجذب الغطاء، تتمسك به جيداً.
اقترب يسري من باب الشقه ليفتحه، فطلت من خلفه والدته وشقيقته..
تفحصت رشيدى مظهره.. فكان هو بثيابه الداخلية فقط وقالت:
_روح يا ولدي ألبس هدومك لتستهوى، بس جولي مرتك فين.
أجاب يسري بضيق:
_هتكون فين يعني يما، نايمة جوة.
هدرت رشيدة في قوة:
_نايمة جوة وجومتك انت تفتح الباب، روحي يابت يا ايمان شوفيها جوليلها أمك جاية جومي ورانا مصالح.
استمعت سهر لحديثهم، فوثبت قائمة وهي تبحث عن شيء تستر به جسدها، فـ اخرجت عباءة من خزانتها.. وما ان انتهت حتى انفرج عليها الباب.
فقالت ايمان بمكر:
_صاحية أهو، زين، عشان تيجي تشوفي اللي وراكِ.
صاحت سهر قائلة في حدة:
_أنتِ ازاي تدخلي عليا ِكده، دي أوضة نوم ياهانم، وبعدين مصالح إيه دي اللي فيوم صباحيتي.
أتاها الرد من رشيدة التي طلت من خلف الباب قائلة:
_دي شجة ولدي يابت اعتماد نيجي ونروح على راحتنا أنتي فاهمة.
هتفت سهر بقوة:
_ده اسمه چنان ده، ما تجول حاچة يا يسري.
هتف يسري في حدة:
_اوعك تاني مرة تعلي صوتك فوش أمي أو أختي، هخليكي تندمي على اليوم اللي اتولدتي فيه.
صدمت سهر من حديثه، وقبل ان تفكر فالأمر قالت رشيدة:
_يلا يابت غيري هدومك وانزلي المندرة اللي تحت محتاچة تتروق، أمك چاية.
صمتت سهر قليلاً متعجبة من أمرهم فهتفت بحنق:
_الساعة لسة تسعة ونص أمي مش هتيچي دلوج يا خالة، وبعدين أنا تعبانة مندرة إيه اللي هعملها دي.
قالت إيمان وهي تبتسم بنصر:
_انتِ عاوزة تنامي واحنا نخدمك لا يا جلبي ده دورك.
صاحت رشيدة قائلة:
_بزيادة دلع يا حبيبتي، هنزل جدامك ربع ساعة وحصلينا.
استطردت سهر في غضب:
_أنا مش هسكت وهجول لـ امي.
قبض يسري على معصمها بعنف قائلاً:
_تجولي لـ امك إيه يابت، وهو أنتِ فاكرة نفسك مين يعني، كل ده عشان طلبوا منك
تساعديهم في شغل البيت.
دفعت سهر يده بعنف واجابت في حدة:
_وهي ده طريجة لطلب المساعدة..
قاطعتهم رشيدة قائلة:
_عاوزانا نيجي نحب على يدك يابت اعتماد عشان يعجبك.
قبض يسري مرة أخرى على معصمها وقال:
_أنا عاوز أنام شوي وانتِ انزلي من سكات، وإلا ابعتك مع أمك وانتِ بجا عارفة إيه اللي هيحصل فيكِ بعدها.
أمتلئت مقلتاي سهر بالدموع، تشعر بأنها سقطت في بئر يسوده الظلام من الصعب النجاه منه.
••••••••••••••••••
"في منزل زبيدة"
جلست بجانب حفيدها على الأريكة وقالت بهدوء:
_أنا عارفة إنك كنت في فرح أيوب امبارح، يا ابني متخلنيش أندم إني جولتلك، أنا خايفة عليك ياولدي.
صاح هشام في غضب:
_وتخافي عليا ليه، أنا عيل.
ردت زبيدة بتريث:
_أنت راچل وسيد الرچالة كمان، بس أحنا مش قد اعتماد وعمايلها يا ولدي.
هتف هشام في حدة:
_ولا تجدر تعمل حاچة، أطمني انتِ بس.
قالت زبيدة بوهن:
_أطمن ازاي بس، يا خوفي لـ تكون شافتك فالفرح.
رد هشام بإصرار:
_ايوة شافتني، ومش هسكت غير لما اكشفها.
صرخت زبيدة في خوف:
_يا مرك يا زبيدة، ياريته لساني اتجطع جبل ما جولك حاچة.
ربت هشام على يدها قائلاً بهدوء:
_ليه الخوف ده بس، أطمني مفيش حاچة هتحصل.
ضغطت زبيده على يده وقالت بترقب:
_اسمعني ياولدي بعد عنها دلوج، وهنكشفها بس لما أيوب يرجع تكون هي نسيتنا واتلهت عنا.
أبعد هشام يدها برفق وقال وهو يستقيم واقفاً:
_حاضر هعمل زي ما تجولي بس هدي حالك عشان صحتك، وانا هطلع شوي برة.
قالت زبيدة بقلة حيلة:
_ماشي ياولدي خد بالك من نفسك.
••••••••••••••••••••
عند سهر توجهت للمطبخ اولاً تصنع كوبان من الشاي كما أخبرتها والدة زوجها بعد هبوطها من الأعلى..
شعرت بخطوات تقترب منها فاستدارت للوراء، لتجد زينب زوجة شقيق يسري الأكبر والتي تعرفت عليها بخطوبتها..
قالت سهر بتهكم:
_اهلاً يا زينب جوليلي ليكِ طلبات.
رمقتها المدعوة زينب بشفقة وقالت:
_أنا جيت اساعدك، كنت عارفة إنهم هيعملوا معاكِ كده، ما ده نفس اللي حصل معايا.
تحدثت سهر وقد كسى الحزن ملامحها:
_على الأقل أنتِ هترجعي بيتك اللي فالجاهرة مع جوزك وولادك، إنما أنا مش عارفة هسلم منهم ولا شرهم هيطولني.
اقتربت زينب تقوم بتحضير الأكواب قائلة:
_هقولك حاجة واتمنى متزعليش مني.
ردت سهر قائلة:
_جولي، مش هزعل.
قالت زينب وهي تعمل:
_يسري ده مبحبوش، شخصيته ضعيفة ماشي ورا كلام أمه واخته دايماً، وفحالتك ده اللي هيتعبك أكتر .. تعرفي لو واقف معاكِ كان الباقي سهل..
فرت دمعة من طرف مقلتيها قائلة:
_أنا حاسة روحي تايهة، إيه اللي انا عملته في نفسي ده.
قالت زينب بتريث:
_هجولك أنا عملت إيه.. انصتت سهر لها.
واسترسلت زينب:
_البيوت أسرار ناس معروفين انهم كويسين بس محدش عارف اللي فيها، اتخدعت في استقبالهم وكلامهم الطيب، وسبت بيت ابويا وجيت لـ هنا.
صمتت تلتقط انفاسها وتابعت:
_يوم الصباحية طبوا عليا، واخته البجحة دخلت أوضة نومي، حصلت خناقة بس مسكتش رنيت على أهلي وجم.. وحكيتلهم اللي حصل وبابا كان مستعد يطلقني منه و اسافر معاهم تاني.
شهقت سهر قائلة:
_دي كانت تبجا فضيحة.
ردت زينب بجمود:
_ولا فضيحة ولا حاجة الناس دي عاوزة حد أشدّ منهم يقف في وشهم وإلا ياكلوا لحمك ني، وقتها بابا هددهم أنه هياخدني على المركز وهقول انهم ضربوني وهناخد تعويض، و أول ما سمعوا كده خافوا.
غمغمت سهر بخفوت:
_وبعدين.
أجابت زينب ببرود:
_ولا حاجة أخذنا شقة فالقاهرة أنا وجوزي وبننزل هنا يمكن كل سنة مرة.. أنا قولتلك وحذرتك فهمي أهلك ياحبيبتي، حتى لو قفت على إنك تسيبي البيت.
ردت سهر بضيق:
_عوايدنا غير عوايدكم، متعرفيش انتِ هنا لو حد شم خبر إني سبت بيت جوزي تاني يوم جواز سيرتي تبجا على كل اللسان وهيطلع على اسمي قصص وحكايات.
قالت زينب بلا مبالاة:
_انا حاولت اساعدك الباقي عندك بقا.
•••••••••••••••••
كان يسير بين الأراضي الزراعية، ويزفر بضيق حتى استمع لصوت أحدهم..
_ياولدي، عاوزك.
عقد هشام حاجبيه بتعجب، واقترب من الرجل قائلاً:
_ايوة في حاچة.
جاء شخصاً خلفه ووضع نصل حاد بجانبه وقال في حدة:
_مشي معانا يا واد أنت، وألا أكون فاتح بطنك
واسيبك تموت إهنا.
هتف هشام في ذعر:
_أنتو مين وعاوزين مني إيه.
رد الرجل في حدة:
_أمشي معانا من سُكات لو فتحت خشمك هجتلك..
يتبع